للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كل ذلك دليل على أن التصورات النفسية التي تعرض للنفس تؤثر في صاحبها.

الثالث: التجربة والعيان شاهدان بأن هذه التصورات مبادئ قريبة لحدوث الكيفيات في الأبدان فإن الغضبان تشتد سخونة مزاجه حتى إنه يفيده سخونة قوية. وذلك دليل على أن النفوس لها تأثير في بدن صاحبها وإذا جاز كون التصورات مبادئ لحدوث الحوادث في البدن فأي استبعاد من كونها مبادئ لحدوث الحوادث خارج البدن.

الرابع: ومما يؤكد أن النفس قد تؤثر بالآخرين الإصابة بالعين١

وقد اتفق النقل والعقل على ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين" ٢

ثم قال٣: "النفس التي تفعل هذه الأفاعيل قد تكون قوية جداً تستغني في هذه الأفاعيل عن الاستعانة بالآلات ... وقد تكون ضعيفة فتحتاج إلى الاستعانة بهذه الآلات.

وتحقيقه أن النفس إذا كانت متعلية على البدن شديدة الانجذاب إلى عالم السماوات صارت كأنها روح من الأرواح السماوية فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم، وإذا كانت ضعيفة شديدة التعلق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تأثير البتة إلا في هذا البدن ... ثم أرشد إلى أنه لا بد لمزاولة هذه الأعمال من انقطاع المألوفات والمشتهيات وتقليل الغذاء والانقطاع عن مخالطة الخلق، وكلما كانت هذه الأمور أكثر كان ذلك التأثير أقوى"٤.


١ التفسير الكبير للرازي ج ٣، ص ٢٠٨-٢٠٩ (بتصرف) .
٢ رواه مسلم والترمذي جامع الأصول حديث ٥٧٣٧.
٣ الرازي.
٤ التفسير الكبير للرازي ج ٣، ص ٢٠٩.

<<  <   >  >>