للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا لمثواي اعظما قضقضتهن الأعاصير والعباب اجترافا ... حيث لا نادب سوى اللج زخارا على أضلعي يعيد الهتافا ... إلا انه في هذا الحلم يموت غرقا، ويكون قبره قاع البحر حيث يعانق الأصداف، ويعب الموج فوق مثواه نادبا.

وهنالك شبح آخر يؤرقه قبل تلوح المنتظرة، وذلك هو شبح الخيانة؟ تلك السمة التي واكبت حب المرأة في العصور؛ ها هو ألفرد دي موسيه وجورج صاند في البندقية وهي تقسم له بالحفاظ على العهد، فأين ذهب قسمها؟ حذار أن تنخدع بعهد امرأة!! ولكن من هو الذي يحذره من ذلك: أنها عيون تطل عليه من الثرى، أفبعد ذلك يخفى على القارئ سر تمزق هذا الفتى؟ وهذا أيضا فتلى آخر ينقل الخطى على الرمل ليلقى ليلاه، ولكن أين ليلاه؟ ومن الكلمات التي تحمل صورة المبوة ان يقول الشاعر في تلك السن:

نقلتها على الثرى أرجل حيرى طواهن داؤهن الزمين ... غير ان صورة السائر الواقف الذي تعجز رجلاه عن النقلة ستواجهنا كثيرا في هذه المرحلة.

بهذه القصيدة استقبل عامه الدراسي الاخير في دار المعلمين، وهي تصور مدى تمزقه بين اللهفة إلى الحب والفرق من الموت. وبعد أقل من شهر على تاريخ هذه القصيدة، خيل إليه انه وجد المنتظرة في صورة فتاة ذات شعر مسترسل، وهم أن يهتف: هذه هي (١) :

أهم أن اهتف لولا خطى ... عابرة في الخاطر المجهد

أطياف حسناواتي استيقظت ... هاتفة بالذكريات اشهدي

ما نال غير أسمائنا ... تسخر من آماله الشرد

مكتوبة بالنار في شعره ... كالصورة الخرساء في معبد


(١) عبير (أساطير: ٤٨) وتاريخها ١٠/١٢/١٩٤٧.

<<  <   >  >>