للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التحدث إلى الطلاب عن الشيوعية؟. ورحت اشرح لهم مبادئ المادية الديالكتيكية وسواها من الأفكار الشيوعية، وكانت جميلة جذابة، فالشيوعية كما شرحتها ليست الذبح والحرق والنهب والقتل؟ الخ ". (١) وإذا لم يكن بين القولين من تناقض فانهما يتفقان في شيء من التعميم، فإذا عرفنا أن الفترة التي قضاها السياب في التعليم لا تتجاوز ثلاثة أشهر ونصف الشهر، أدركنا أنه لم يكد يثبت قدميه في هذا المجال حتى انتزعتا منه، قبل ان يكون له " الأثر الفعال في الطلاب "، وقبل أن يجد الفرصة الكافية ليتحسس قضاياهم. وأما قول السياب: " ورحت أشرح لهم مبادئ المادية الديالكتيكية وسواها من الأفكار الشيوعية "، فأنه قول موهم. نعم ان الطلاب في تلك السن يحسنون الإصغاء والتلقي، والانبهار بكل جديد مستطرف، ولكن يجب الا يخجل القارئ من ان يسأل: ما مدى ما كان يحسنه السياب من ثقافة شيوعية، لا المقدار الذي يكفي الطلاب وحسب، بل القدر الذي يجب أن يعرفه مفكر؟ لا شخص عادي - ينتمي إلى حزب ما. ان شواهد الحال المستمدة مما نثره السياب في مذكراته تدل على ان مفهوماته عامة في هذا الصدد، كانت خليطا مشوشا مما يقرؤه في " القاعدة " أو في نشرات الحزب، بل وفي الأدب المضاد للاتجاه الشيوعي، والمروجات العامة عما تعنيه الشيوعية؛ وهذا يؤدي بنا إلى القول بأن السياب كان مصابا بنوع من " التنفج " إذا تحدث عن الثقافة، أية ثقافة، فهو إذا افتخر على بعض رفاقه العمال قال: " أنني قد قرأت معظم ما كتبه شكسبير في لغة الأصلية "؟ " ان الأدب هو (شغلتي) وقد تخصصت بالأدب الإنكليزي في دار المعلمين العالية " (٢) ، وأظن ان المتخصصين في الأدب الإنكليزي من غير دار المعلمين لا يقولون انهم قرأوا " معظم " شيكسبير


(١) الحرية، العدد: ١٤٦٦.
(٢) جريدة الحرية، من مقال بعنوان " أخلاق الشيوعيين ".

<<  <   >  >>