للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم اقرأ الكتب الضخام

وشافعي ظمأ وجوع

أوما ترى المتحضرين

المزدهين من الحديد بما يطير وما يذيع

أني نويت ويفعلون

والقاتلون هم الجناة وليس حفار القبور

وهو حفار كثير التردد بين عقله وغريزته، متلظى الهواجس؟. هو صورة أخرى من المومس التي تعيش أيضاً في صراع بين المبدأ والحاجة ثم تغلبها شهوة النفس على كل مبدأ ولعلها تتصور ان الفضيلة التي تكبح شهوات الناس هي سبب موتها فهي تطلب الحياة من طريقها السلبي. وليس من العبث أن عمد الشاعر إلى الربط بين الشخصيتين في " ملحمته " ربطا وثيقا فجعل الحفار يهلل لمقدم أحد الموتى بقوله: " ضيف جديد "! وجعل المرأة الخاطئة تردد القولة نفسها وهي تسمع طرقا على الباب. غير ان حفار القبور اكثر تورطا في أنواع الصراع من تلك المرأة وأقسى صورة منها وهو يسترد ما أعطاه لها حين يضعها في التراب، والمأساة الحقيقية ليست في مقدرات الحفار بل في تعاسة المرأة وليست في طبيعته الحيوانية بل في مهنته التي تضطره أحيانا ليدفن عمته أو أخته أو شخصا آخر كان حبيبا إليه.

ولست احب أن ابعد في الرمز فان من شاء أن يجد في شخصية الحفار معنى اعمق وجد، ولكني اعتقد أن الأستاذ السياب قد أسرف كثيرا في تصوير الشهوات حتى خيل إلى القارئ انه كان يريد ان يجعل قصيدته متنفسا للتعبيرات الشهوانية المحمومة؛ وهو قد أوقع نفسه في موقف لا إنساني حين جعل الحرب موضوعا للأخذ والرد وليس في الوجود ما يحسن الحرب من حيث المبدأ الإنساني العم حتى ولا منطق الوجود ما يحسن الحرب من حيث المبدأ الإنساني العام حتى ولا منطق الحفار القائم على جوعه وعوزه، لان الحرب في حقيقتها قد تأكل

<<  <   >  >>