للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العجائز من عمة وجدة وغيرهما، ومن أقاصيصهما حكاية " عبد الماء " الذي اختطف زينب الفتاة القروية الجميلة، وهي تملأ جرتها من النهر، ومضى بها إلى أعماق البحر وتزوجها، وأنجبت عددا من الاطفال، ثم رجته ذات يوم ان تزور أهلها، فأذن لها بذلك، بعد أن احتفظ بأبنائه ليضمن عودتها، ولكنها لم تعد، فاخذ يخرج من الماء ويناديها ويستثير عاطفتها نحو اطفالها، ولكنها أصرت على البقاء، وأخيرا أطلق أهلها النار على الوحش فقتلوه، أما الأطفال فتختلف روايات العجائز حول مصيرهم (١) . كذلك تشمل ذكرياته لعبة على شاطئ بويب، وهو لا يفتأ يذكر بيتا في " بقيع " يختلف عن سائر البيوت، في ابهائه الرحبة، وحدائقه الغناء، ولكن اشد ما يجذب نظرة في ذلك المنزل الإقطاعي تلك الشناشيل؟ وهي شرفة مغلقة مزينة بالخشب المزخرف والزجاج الملون - وكم وقف يرقب تلك الشرفة التي تمثل الثراء والجاه بعين الفقير المحروم، من يدري لعل ابنة " الجلبي "؟ ذلك الزعيم الإقطاعي - تطل منها:

ثلاثون انقضت وكبرت، كم حب وكم وجد ... توهج في فؤادي؛ ... غير أني كلما صفقت يدا الرعد ... مددت الطرف ارقب ربما ائتلق الشناشيل ... فأبصرت ابنة الجلبي مقبلة إلى وعدي (٢) . ... لكن ابنة الجلبي لم تطل ولم تقبل؛ ترى أكان للجلبي ابنة ام أن أحلام بدر خلقتها دمية تعبد دون أن ترى؟

أما عهده المدرسي في مدرسة باب سليمان الابتدائية بأبي


(١) العدد الأسبوعي من جريدة الشعب (رقم: ٦١) السبت ١٢ تموز، سنة ١٩٥٨.
(٢) شناشيل: ٩.

<<  <   >  >>