للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لن تولد جيكور ما دام تموزها رهن التراب.

القصيدة ثلاث خطوات: الخطوة الأولى تضمين لأسطورة تموز القديمة وانتحال الشاعر لموقف تموز؟ الخطوة الثانية: ولادة جيكور من جراح تموز القتيل - الخطوة الثالثة: رفض لهذا الميلاد لأن جيكور لا تعيش دون أن يحيا تموزها، وهو لن يحيا حقا، فالموت هو نهاية الاثنين، وبذلك تغيرت أسطورة تموز القديمة لأن البعث غير متيسر.

وليس ما يهمنا في هذه القصيدة بناؤها فانه سهل واضح يعتمد على مقدمتين ونتيجة مناقضة ولكن يهمنا منها دلالتها، فانها تومئ إلى أن مشكلة الموت التي كانت قد جعلت السياب واحدا بين موتى كثيرين في المشرق العربي (في القصائد الكهفية) عادت تقض مضجعه على صعيد فري، وأصبحت عشتاروت املا لا يتحقق، وأتخذ النخل الذي كان يرعاه " يوسوس أسراره " إن ضغط فكرة الموت جعله ينام مطمئنا إلى حضن الأرض غير جازع من مفارقة الحياة:

يا ليل أظل مسيل دمي ... ولتغد ترابا أعراقي ... ومع أن بعث ادونيس (تموز) يحمل في الأسطورة تفاؤلا جميلا؟ عودة الحياة إلى الأرض بعد الجفاف - فأن الشاعر أبى ان يتعلل بما توحيه الأسطورة من رجاء، ورضي بأن يموت هو وجيكور معا. فهذا نوع رابع من الموت هو " الخلاص من الحياة "، لا بعث ولا تفاؤل، لا بدر ولا جيكور، عاش معا. والسر في الموت ليس هو وحسب ضغط آلام الحياة وعذابها القاسي وإنما عجز عشتار (الحبيبة - الأم) عن ان تكفل البعث المرتقب. وهنا يمكن أن نقف وقفة قصيرة نصحح بها ما راج حول شعر السياب من أخذ لبعضه وترك لبعضه

<<  <   >  >>