للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بذكرى الرصافي، وغدا احتفال بمرور أربعين يوما على وفاة عبد المسيح وزير، وبعد غد مقام تهنئة بفوز الشاعر خضر الطائي بجائزة أدبية (١) . دنيا مناسبات تفرض على الشاعر الذي لم يعرف سوى تصوير خلجاته الذاتية أن يصبح " خطيبا " أو " عبد قافية "، ولكن لا بأس: أن للشهرة سحرها، ولو كان ذلك على حساب الإخلاص الفني، وستتيح له هذه الندوة الصغيرة أن يلقي شعرا غير معلق بمناسبة. هيئا له أحد أصدقائه الجدد؟ الأستاذ محمود العبطة - إحدى هذه الفرص، وجمع له عددا من الأدباء ألقى عليهم من شعره الذاتي ما يملك إعجابهم فقام إليه الشاعر هادي الدفتر وقبله، ودنا منه خضر الطائي مهنئا، وتحول عبد الرحمن البناء فجلس إلى جانبه (٢) ؛ ذلك شيء لم يتح له في جيكور أو في البصرة، وها هي زاوية من بغداد تعترف به شاعرا ينتظره مستقبل عظيم.

ولو رددنا الأمور إلى أسبابها الحقيقية لوجدنا ان شعر بدر حينئذ لم يكن هو الذي يملك الإعجاب، وإنما هو ذلك التلاحم بين الإنسان والكلمات، تلاحما تضيع فيه الحدود بين الصوت والمعنى والملقي نفسه، ويغدو كل ذلك نبضات أو جيشانا من الدروع، أو حشرجات مختنقة في قبضة الكآبة والموت، وظلت طريقة بدر في الالتقاء على هذا اللون سواء أكان شعره هادرا أم خافتا، متحمسا أم باكيا، ولهذا عبر عنها من سمعوا إلقاءه، في فترات متفاوتة، تعبيرات متقاربة، فقال الأستاذ العبطة وهو يتحدث عن دور مبكر في وقفات بدر أمام مستمعيه " وأخذ يقرأ شعرا من أنماط شتى بأسلوب مؤثر وحركات غريبة، إذ كان يندمج في جو شعره اندماجا عجيبا ويؤشر إشارات تفصح عما في قلبه " (٣) .


(١) العبطة: ٧.
(٢) العبطة: ٨.
(٣) العبطة: ٧ - ٨.

<<  <   >  >>