للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للتنبيه على أنّها تتضمّن من دلائل تفرّده بالإلهية واتصافه بصفات العظمة والكمال مما يقتضي إنشاء الحمد له والإخبار باختصاصه به (١) .

مطلب:

يصف الله تعالى ذاته الكريمة بعد حمده لها بقوله {الذي له ما في السموات وما في الأرض} ، وهذا الوصف يقتضي أنّ كل ما في السموات والأرض ملك له سبحانه، وهو يفيد بذلك بيان علّة استحقاقه للحمد؛ لأن ملكه للسموات والأرض وما فيهما ملك حقيقي؛ إذ هو سبب إيجاد تلك المملوكات، وذلك الإيجاد عمل جميل يستحق صاحبه الثناء والحمد، وأيضاً يتضمّن هذا الإيجاد نعماً جمة ظاهرة وباطنة وهي تقتضي كذلك الحمد له تعالى، فكان وصفه عزّوجلّ بالملك بياناً لعلّة الحمد. (٢) والله أعلم.

ثمّ إنّ في هذه الصلة ـ أيضاً ـ تعريضاً بكفران الكافرين المشركين الذين حمدوا أشياء في هذا الكون ـ والتي من جملتها الإنسان ـ وهي تحت ملكوته سبحانه وحكمه، وليس لها من الملك شيء، وهي ليس لها ـ في حدّ ذاتها ـ استحقاق الوجود فضلاً عمّا عداه من صفاتها، بل كلّ ذلك نعم فائضة عليها من جهته تعالى، وما كان هذا شأنه فهو بمعزل عن استحقاق الحمد، وبهذا يظهر لهم اختصاص جميع أفراده به تعالى. (٣)


(١) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٢ ص ١٣٥.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير ج٣ ص ٥٣٣؛ تفسير القرطبي ج١٦ص٢٥٩؛ تفسير أبي السعود ج٧ ص١٢٠، تفسير الخازن ج٥ ص ٢٨١؛ تفسير السعدي ج٦ ص٢٥٦؛ التحرير والتنوير ج٢٢ ص ١٣٥.
(٣) انظر: تفسير الطبري ج٢٢ص ٤٢؛ تفسير أبي السعودج٧ ص ١٢٠؛ التحرير والتنوير ج٢٢ص١٣٦.

<<  <   >  >>