للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم: ((العزّ إزاره والكبرياء رداؤه فمن ينازعني عذبته)) (١) ،كيف وهي صفة منبئة عن كمال الذات وكمال الوجود (٢) ، ولا يكون هذا إلا لله تعالى وحده.

وإنّما خصّ ذكر الكبرياء في السموات والأرض لظهور آثارها وأحكامها فيهما (٣) .

هذا ووجه الحكمة في إثبات هذه الصفة لله تعالى في هذا المقام لأمرين: (أحدهما) الدلالة على أنّه تعالى هو المستحقّ للحمد دون سواه من كلّ ما يُشْرَك به ويُعبد من دونه؛ وذلك لأنّ له الكبرياء وحده لا لغيره.

(وثانيهما) ليدلّ سبحانه على أنّ استدعاء خلقه لحمده إنّما هو لنفعهم وتزكية نفوسهم وإلاّ فإنّه غني عنهم، وأنّهم إن حمدوه وجب أن يعرفوا أنّه


(١) رواه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب البر – باب تحريم الكبر، حديث ١٣٣؛ ج٥ ص ٤٨٠ (صحيح مسلم بشرح النووي – طبعة الشعب) وقال النووي: الضمير في (إزاره ورداؤه) يعود إلى الله تعالى للعلم به، وفيه محذوف تقديره. قال الله تعالى (فمن ينازعني ذلك عذبته) وعند أبي داود في سننه عن أبي هريرة قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
((قال الله عزوجل: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار)) . كتاب اللباس: باب ما جاء في الكبر، حديث ٣٩٣٢، ج٦ ص٥٣-٥٤. (مختصر سنن أبي داود للمنذري) ، وبمثله عند ابن ماجة ولفظه: ((ألقيته في جهنم)) كتاب الزهد – باب البراءة من الكبر والتواضع، حديث ٤١٤٧، ج٢ ص١٣٩٧.
(٢) انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٥ ص٣٧٨؛ لسان العرب لابن منظور ج٥ ص١٢٥-١٢٦.
(٣) انظر: تفسير أبي السعود ج٨ ص٧٦؛ فتح القدير للشوكاني ج٥ ص١٢.

<<  <   >  >>