للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - الشعر الصقلي في ديوانه

أربعة وعشرون عاماً في صقلية - تلك هي كل الفترة التي عاشها ابن حمديس في وطنه، على تحقيق، أما إذا شئنا المجاز قلنا إنه عاش كل حياته في ذلك الوطن - أي في ظل الأعوام التي وعي ذكرياتها وأحداثها. وقد كانت تلك السنون هي عصر الشباب، وفي ذلك العهد تكونت النواة الأولى لشاعريته فشعره في صقلية إبان الصبا هو شعر الفارس المحارب الذي يلتفت إلى آلات الحرب والسفن الحربية ويعتز بالقوة ويحب فيكون حبه عارماً وشهواته فاتكة، ويتردد بين عنف الحرب، ورقة الحب. وهذا ما نلمسه في قصيدة له من ذلك العهد مطلعها (١) :

ليَ قلب من جامد الصخر أقسى ... وهو من رقة النسيم أرق وفي هذا الشعر الذي قاله في الصبا فخر بالضرب والطعن وبالفتك الشهواني، وهي نشأة عارمة تمثلها لك القصيدة التالية (٢) :

وذات ذوائب بالمسك ذابت ... بلغتُ بها المنى وهي التمنى

منعمة لها إعزاز نفس ... يصرفُ دلها في كل فن

شموسٌ من ملوك الروم قامت ... تدافع فاتكاً عن فتح حصن

بخد لاح فيه الوردُ غصناً ... وغصنٌ ماسَ بالرومان لدن

فطالت بيننا حربٌ زبون ... بلا سيف هناك ولا مجنّ

وفاضت نفسها الحمراء منها ... وفاضت نفسي البيضاء منى


(١) القصيدة رقم ٢٠٢ ويجري معها من قصائد الصبا رقم ١٦١، ٣٠٦ وأظن أن ٢٤٣ من ذلك العهد. أما القصيدة رقم ٤٩ فتشير إلى غزوة أندلسية.
(٢) القصيدة رقم ٣٠٦.

<<  <   >  >>