للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استطاعت أن تجعل من الطبيعة الصقلية ذات القصور والمتنزهات موضوعاً يوازيها - مع ما هنالك من فروق - إلا وقفات ابن حمديس عند تصور إشبيلية وبجاية. أما شعراء العصر الإسلامي السابق فلم يكن اهتمامهم بهذه الناحية واضحاً.

[٣]

- الشعر في البيئة الإسلامية

ونخلي هذا الشعر في بلاط الملك النورماني وبين متنزهاته لنرى حال الشعر بين الجماعة الإسلامية، ونطلع على روافده الاجتماعية والنفسية، ونعرف إلى أي حد تأثر بالأوضاع الجديدة. وقد عرفنا من قبل ما صنعه الفتح بالجماعة الإسلامية، وكيف نفي منها الأكثرية المثقفة، وأبقي أقلية من العلماء والأدباء، ثم راينا كيف احتفظ الحكم النورماني بالجماعة المفيدة له في الحياة العملية - بالتجار والصناع أو بتلك الطبقات المدنية التي كانت رسخت فيما بينها قواعد المال، وبالجند الذين كانوا ضرورة لازمة لحماية المملكة الجديدة. وشاهدنا كيف انقلب المسلمون في بعض النواحي إلى أرقاء لاصقين بالأرض وكيف انحصر في ربقة هذا الرق عدد كبير منهم.

هذا المجتمع الإسلامي الجديد ليس هو المجتمع الذي عرفناه من قبل وإنما هو مجتمع ذمي يدفع الجزية، مجتمع كان يتمتع بالسيادة على غيره من الأجناس، فاصبح يحاول بالطرق السلمية الضعيفة أن ينال بعض الحقوق التي قد تقربه من الأجناس الأخرى، أو إن شئت التمثيل فقل إنه مجتمع كان أسداً فمسخ ثعلباً، وحالته الاجتماعية والنفسية والخلقية تلخص في الجوانب التالية:

(أ) فقد السيادة وأصبح محكوماً بعد أن كان حاكماً، ومنع الإيمان المطلق برمز معين كانت قداسته في الحياة السياسية ذات أثر في حياته لاتصالها

<<  <   >  >>