للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ع: يضرب مثلاً للرجل ينشط بنشاط صاحبه، والدابة تسير بسير دابة أخرى.

روى أبو بكر ابن الأنباري قال: حدثني أبي، حدثنا أبو بكر العبدي وأحمد ابن عبيد قالا: حدثنا ابن الأعرابي عن المفضل قال: خرج السليك يريد أن يغير في أناس من أصحابه، فمر على بني شيبان في ربيع والناس مخصبون في عشية فيها ضباب ومطر، فإذا هو ببيت قد انفرد من البيوت عظيم، وقد أمشى، فقال لأصحابه: كونوا بمكان كذا حتى آتي هذا البيت فعلي أصيب لكم خيراص أو آتيكم بطعام، فانطلق إليه وقد أمسى، فإذا البيت بيت يزيد بن رويم الشيباني وهو جد حوشب بن يزيد بن الحارث بن رويم، وإذا الشيخ وامرأته بفناء البيت فاحتال السليك حت دخل البيت من مؤخره. فلم يلبث أن راح ابن الشيخ بإبله فلما رآه الشيخ غضب وقال: هلا كنت عشيتها ساعة من الليل. قال ابنه: أبت العشاء. فقال الشيخ: " إن العاشية تهيج الآبية " فأرسلها مثلاً.

ثم نفض الشيخ ثوبه في وجهها، فرجعت إلى متعها، وتبعها الشيخ، حتى مالت لأدنى روضة فرتعت فيها، وقعد الشيخ عندها، وقد خنس وجهه في ثوبه من البرد، وتبعه السليك، فلما رآه مغتراً ضربه بالسيف من ورائه فأطن رأسه وأطرد الإبل وقد بقي أصحاب السليك سئة ظنونهم، فإذا به يطرد الإبل، فاطردوها معه: وقال السليك في ذلك (١) :

وعاشية رح بطان ذعرتها ... بثوب قتيل وسطها يتسيف

كأن عليه لون برد محبر ... إذا ما أتاه صارخ متلهف

فبات له أهل خهلاء فناؤهم ... ومرت لهم طير فلم يتعيفوا

وباتوا يظنون الظنون وصحبتي ... إذا ما علوا نثزاص أهلوا وأوجفوا

وما نلتها حتى تصعلكت حقبة ... وكدت لأسباب المنية أعرف

وحتى رأيت الجوع بالصيف ضرني ... إذا قمت يغشاني ظلال فأسدف


(١) انظر الضبي: ١٤ والأغاني ١٨: ١٣٥.

<<  <   >  >>