للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعلم ان التكبر على أنواع فمن متكبر بالمال ومتكبر بالقوة ومتكبر بالعلم فلا يخلو متكبر عن هذه الأشياء. (علاج ذلك) أمران اثنان علمي وعملي أما العلمي فان يعرف الله سبحانه بالذات والصفات حتى يعلم أن الكبرياء والعظمة تليق بجلال الله دون العبد الحقير. (والثاني) أن يعرف نفسه حتى يعرف أنه أرذل عباد الله تعالى وأحقر وأضعف الخلق ويتفكر في هذه الآية قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ، فَقَدَّرَهُ

فإن الله سبحانه وتعالى قد عرف الآدمي حالة نفسه ويعلم أنه أقل شيء وأحقر شيء كان عدما محضا لم يكن له إسم ولا جسد ثم خلق من التراب الذي هو أخس الأشياء والنطفة والعلقة قطعة ماء ودم خلقه منها ولا شيء أخس منه فأصله التراب الذليل، والماء المنتن والدم النجس، وكانت قطعة لحم لا نطق ولا سمع ولا بصر، ولا يسمع ولا يبصر ولا يغني من جوع ثم خلق تفضلا منه سمعه وبصره ونطقه، ورزقه وسوى أعضاءه من اليد والرجل فانظر في أول أمره ثم اعطف في آخره حتى يتساهل الكبر والحقد وهو محتاج الى أن يستنكف من نفسه وأحمد أمره أن الله تعالى أدخله في هذا العالم ودفع عنه آفات الجوع والعطش والمرض والبرد والألم والتعب ودفع عنه المحن المختلفة وقضي عليه من البلايا ما تهون عنده المنايا من

<<  <   >  >>