للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرصاص ولا يزال فيما بينهم ما دامت السموات والأرض؛ واعلم أن خطر الولاية عظيم وسكرها مر شديد والسلطان إذا جلس في الديوان فهو بين الجنة والنار على شفيرها فإما إلى الجنة أو إلى النار وذلك أن السلطان والوزير لم يقل لهما أحكما بما شئتما وافعلا ما هو يتما بل قيل للسلطان انصر دين الله واحكم بأمر الله وخالف هواك وأطع مولاك. وهذا سر قوله صلّى الله عليه وسلم: من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين ومعناه أنه أمر أن يحكم على خلاف هواه وطبعه ودون غلبانه القتاد والخرط ولا يمكنه ذلك حتى يلج الجمل في سم الخياط والسلطان إذا أصبح فهو مطالب بمطالبات كثيرة قد احتوشته الخصوم فالله تعالى يقول فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ

وقال وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ

فلا تغفل اعدل في دين الله والهوى، والنفس يقولان لا تبع النقد بالنسيئة فلعلك لا تبلغ الأمنية وتخترمك المنية، إعط نفسك مناها ولا تخالفها في هواها والله يطالبه بحقه والرعية تطالبه وعياله تطالبه بحقوقهم وأولاده يطالبونه بالحقوق وملك الموت يطلبه والدنيا تفتنه والشيطان يضله والكافر يبغضه والمؤمن يحسده فأين الخلاص ولات حين مناص، وفي الخبر قال الصديق رضي الله عنه: أشقى الناس في الدنيا والآخرة الملوك يزهد ما في يده ويرغب فيما في يد رعيته فيحسد على

<<  <   >  >>