للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرذائل كلها، فالعدل يكون في اكتساب المال والحرية في انفاقه فإن الحر لا يكرم المال لذاته ولا يجمعه لمحبته بل ليصرفه في الوجوه التي يكتسب بها الثناء والمحمدة ولهذا لا يكون الحر الكريم كثير المال لأنه منفاق ولا فقير ولا كسوب. وقد قال الإسكندر أن سيرة السعداء ثلاثة أشياء الأول معرفة الحق، والثاني فعل الخير، والثالث عدم الآلام التي لا تنبغي لأن الكامل يعرف كل شيء بحقيقته وخاصية وجوده ويفعل الخير لوجوده بذاته ويتوخاه بجوهره لأنه خير فقط لا لغرض، ويختار العفة والراحة واستعمال الأخلاق الجميلة في طلب المعاش ومعاشرة الناس تنفي الأخلاق التي لا تنبغي عن نفسه ليهنأ عيشه ويطيب قلبه أبدا، ويحب الجميل لأنه جميل فحسب ويترك الحقد والحسد واللجاج، وترك الطمع فيما لا يمكنه الإقدام عليه، ويلزم الصمت والعدل في القول والفعل جميعا وإنجاز المواعيد وقلة المبالاة بالفقر والموت الجميل والإشتغال بالمهم لقصر الزمان والتواضع والقناعة وإكرام النفس أولا ثم إكرام غيره وترك التفوه بالقبيح وحسن اللقاء وطلاقة الوجه بكل حال وترك التجني والقيام عن مجلس الخصومات وطلب المعاش بقدر ما لا يطغى، فهذه جملة أوصاف الكمال والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>