للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسبب الثاني التظاهر بالظلم والجور، فإن ذلك مثال العداوة فالوزير الكافي والرئيس الكامل لا يضع الحديدة موضع الإبرة ويصلح باللطف ما لا يصلحه غيره بالعنف فالحر عبد البر والإنسان صنيعة الإحسان. قال سيد القراء أبو عمرو بن العلاء: عجبت لمن يشتري المماليك بأمواله فيعتقهم كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه فيسترقهم، فإن كان له عدو في البلد ينازعه في ولايته فليخرجه من البلد فإن الصواب في ذلك، فإن كان عدوا مكاتما خارج ولايته فقمعه من أربعة أوجه: الأحوط له أن يسترقه بالمعروف والإحسان واللطف والكرم فإن لم ينخدع بهذا فبالصفح والمهادنة فإن لم ينخدع بهذا فبالتحصن بالقلاع والخنادق والمواضع الحصينة، فإن لم يتمكن من ذلك فأسوأ التدبير المجاهرة بالحرب وفي ذلك اغرار واخطار إذ الحرب سجال وللسلامة مجال وهذا إذا أحس من قومه مقاومته، أما إذا علم ضعف قومه وشوكة عدوه فإياه وإياه فلا يبدؤه بالحرب إلا إذا رأى ضعفه فيعاجله قبل أن يستجيش الجموع، فإن كان له شوكة فيدع العدو حتى يطأ البلاد والديار فيكون غريبا في الموضع والغريب أعمى لا يهتدي إلى عواقب الأمور والحيلة أنفع الوسيلة، وليحفظ الملك والوزير واحدة وأي واحدة وهي كتمان السر عن العدو والجهد في معرفة سر العدو ولا يحارب

<<  <   >  >>