للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء الثانية، فيقول الملك: ردوه إنه كان يفتخر على الناس في مجالسهم، ثم تصعد الحفظة بعمل العبد إلى السماء الثالثة، فيقول الملك: ردوه إنه كان يتكبر على الناس في مجالسهم، ثم تصعد الحفظة بعمل العبد إلى السماء الخامسة، فيقول الملك: ردوه إنه كان يحسد الناس ويقع فيهم، ثم تصعد الحفظة إلى السماء السادسة، فيقول الملك: ردوه إنه كان لا يرحم إنساناً قط، بل كان يشمت بمن وقع في بلاء، أنا ملك الرحمة، أمرني ألا يجاوزني عمله. ثم تصعد الحفظة إلى السماء السابعة، فيقول الملك: ردوه إنه كان يحب الظهور والرفعة عند الناس، ثم تصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة، وذكر، وتفكر، وحسن خلق، فيقفون بين يدي الله، ويشهدون له بالصلاح، فيقول الرب جل جلاله: أنتم الحفظة على عمل عبدي، وأنا الرقيب على قلبه، إنه لم يُرِدْنِي بهذا العمل، أراد به غيري، فعليه لعنتي، ثم تلعنه الملائكة والسموات. انتهى باختصار «١» ، وخرجه المنذري. وتكلم في وضعه. وبالله التوفيق.

ثم ذكر موطنا آخر لرؤية الملائكة، على نمط ما تقدم، فقال:

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٢٥ الى ٢٩]

وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩)

قلت: (المُلْكُ) : مبتدأ، و (الحق) : صفته. و (للرحمن) : خبر، و (يومئذٍ) : ظرف للاستقرار.

يقول الحق جلّ جلاله: وَاذكر يَوْمَ تَشَقَّقُ أي: تنفتح، فمن قرأ بالتخفيف: حذف إحدى التاءين، وأصله: تتشقق. ومن شد: أدغم التاء في الشين، أي: تنشق السَّماءُ بِالْغَمامِ أي: عن الغمام، فتنزل ملائكة السموات في تلك الغمام ليقع الفصل بين الخلائق، وهو المراد بقوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ، وَالْمَلائِكَةُ «٢» . قيل: هو غمام أبيض رقيق مثل الضبابة، ولم يكن إلا لبني إسرائيل فى تيههم.


(١) ذكره مطولا المنذرى فى الترغيب والترهيب (١/ ٧١- ٩٣) وقال: (رواه ابن المبارك فى الزهد عن رجل، لم يسمه، عن معاذ، ورواه ابن حبان فى غير الصحيح، والحاكم، وغيرهما، وروى عن على وغيره. وبالجملة فآثار الوضع ظاهرة عليه فى جميع طرقه وبجميع ألفاظه. والله أعلم) قلت: والحديث ذكره ابن الجوزي فى الموضوعات (٣/ ١٥٤) بمعناه مطولا، وعزاه للحاكم فى التاريخ.
(٢) من الآية ٦٥ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>