للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: (وأُزلفت) : عطف على (ينفع) ، وصيغة الماضي فيها وفيما بعدها لتحقق الوقوع.

يقول الحق جلّ جلاله، في شأن اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون: وَأُزْلِفَتِ أي: قُّربت الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ، أي: تزلف من موقف السعداء، فينظرون إليها، وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ: أُظهرت، حتى يكاد يأخذهم لهبها، لِلْغاوِينَ: للكافرين، وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ بدفع العذاب عنكم، أَوْ يَنْتَصِرُونَ بدفعه عن أنفسهم، يوبّخون على إشراكهم، فيقال لهم: أين آلهتكم التي عبدتموها، هل ينفعونكم اليوم بنصرتهم لكم؟ أو: هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم لها؟ كلا، بل هم وآلهتهم وَقُودُ النار، كما قال تعالى:

فَكُبْكِبُوا فِيها أي: أُلقوا في الجحيم على وجوههم، مرة بعد أخرى، إلى أن يستقروا في قعرها. وفي القاموس: كبّه: قَلَبَهُ وصرعه، كأكبه وكبكبه. هـ. أي: صُرِعُوا منكبين في الجحيم على وجوههم، هُمْ أي:

آلهتهم وَالْغاوُونَ أي: الذين كانوا يعبدونهم.

وفي تأخير ذكرهم عن ذكر آلهتهم رمز إلى أنهم مُؤَخِّرُونَ عنها في الكبكبة ليشاهدوا سوء حالها، فيزدادوا غماً على غم، وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أي: يكبكبون معهم أَجْمَعُونَ، وهم شياطينه الذين كانوا يقوونهم ويوسوسونهم، ويُسَوِّلُونَ لهم ما هم عليه من عبادة الأصنام، وسائر فنون الكفر والمعاصي، أو: متبعوه من عصاة الجن والإنس ليجتمعوا في العذاب، حسبما كانوا مجتمعين فيما يوجبه.

قالُوا أي: العبدة وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ أي: قالوا معترفين بخطائهم في انهماكهم في الضلالة متحسرين، والحال: أنهم في الجحيم بصدد الاختصام مع من معهم من المذكورين، فيجوز أن يُنطق الله الأصنامَ، حتى يصح منها التخاصم والتقاول، ويجوز أن يجري ذلك بين العصاة والشياطين.

قالوا: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي: إن الشأن كنا في ضلال واضح، لا خفاء فيه، إِذْ نُسَوِّيكُمْ نَعْدِلُكُم بِرَبِّ الْعالَمِينَ فنعبدُكم معه، أي: تالله لقد كنا في ضلال فاحش وقت تسْويتنا إياكم أيها الأصنام، في استحقاق العبادة، برب العالمين، الذي أنتم أدنى مخلوقاته، وأذلهم وأعجزهم، وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>