للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشارة: العلماء ومشايخ التربية ورثة الأنبياء، فإذا دَعوا إلى طعام فلا يدخل أحد حتى يُؤذن له، فإذا طعموا فلينتشروا، وإذا سأل أحدٌ حاجته من أهل دار الشيخ فليسأل من وراء الباب، وليتنحَّ عن مقابلة الباب لئلا يتكشف على عِرض شيخه، فيسيء الأدب معه، وهو سبب الخسران.

ثم نهى عن تزوج نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:

وَما كانَ لَكُمْ ...

يقول الحق جلّ جلاله: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ أي: ما صحَّ لكم إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو كفر، وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً تعظيما لحرمته صلى الله عليه وسلم، ولبقاء عصمته عليهن، ولذلك وجبت نفقتهن بعده، لقوله: «ما بقي بعد نفقة أهلي صدقة» . وكذا السكنى كما قد علم، وبه قال ابن العربي.

وعَطفُ (ولا أن تنكحوا) على (أن تؤذوا) من عطف الخاص على العام إذ تزوج نسائه من أعظم الإيذاء. إِنَّ ذلِكُمْ أي: الإيذاء أو التزوُّج كانَ عِنْدَ اللَّهِ ذنباً عَظِيماً.

إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً من أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو نكاح أزواجه، أَوْ تُخْفُوهُ في أنفسكم، فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً، فيُعاقبكم عليه. رُوي أن رجلاً من الصحابة قال: لئن قُبض النبي صلى الله عليه وسلم لأنكحنَّ عائشة، فنزلت، فَحُرّمن «١» . وفيه نزلت: إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أي: من نكاح عائشة، أَوْ تُخْفُوهُ ... إلخ. وكان- عليه الصلاة والسلام- مَلَك قتيبة بنت الأشعث بن قيس، ولم يبنِ بها، فتزوجها عكرمة بن أبي جهل، بعد ذلك، فهمَّ به أبو بكر، وشقّ عليه، حتى قال له عمر: يا خليفة رسول الله، ليست من نسائه، ولم يُخيرها، ولم يحجبها، وقد برأها الله منه بالردة، حين ارتدت مع قومها، فسكن أبو بكر. وقال الزهري: إن العالية بنت ظبيان، التي طلق النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت رجلاً وولدت له قبل أن يحرم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم «٢» .


(١) ذكره الواحدي فى أسباب النزول (ص ٣٧٤) بدون سند. وعزاه السيوطي فى الدر المنثور (٥/ ٤٠٤) لابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البيهقي فى الكبرى (٧/ ٧٣) عن يونس، عن ابن شهاب، بلاغا.

<<  <  ج: ص:  >  >>