للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضع مُلكه حيث شاء، (والله واسع) فيوسع على الفقير ويغنيه بلا سبب، (عليم) بمن يليق بالملك بسبب وبلا سبب.

ثم ذكر آية أخرى تدل على ملكه، فقال:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٤٨]]

وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨)

قلت: قال الجوهري: أصل التابوت: تأبُوة، مثل تَرْقُوة وهي فَعْلُوةٌ، فلما سُكِّنتْ الواو، انقلبت هاء التأنيث تاءٌ، فلغة قريش بالتاء، ولغة الأنصار بالهاء.

يقول الحق جلّ جلاله: وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ لَمَّا طلبوا منه الحجة على اصطفاه طالوت للملك: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ وهو صندوق من خشب الشمشار مُمَوَّه بالذهب، طوله ثلاثة أذرع في سعة ذراعين فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أي: فيه ما تسكن إليه قلوبكم وتثبت عند الحرب. وكانوا يُقدمونه أمامهم في الحروب فلا يفرون، ويُنصرون على عدوهم، وقيل: كان فيه صور الأنبياء من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: كان فيه طَسْت من ذهب غُسلت به قلوب الأنبياء- عليهم السلام- وهى السكينة- وفيه بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وهي رُضاض «١» الألواح، وعصا موسى، وثيابه، وعمامة هارون والآل: مقحم فيهما.

تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ قال وهب: لما صار التابوت عند القوم الذين غلبوا بني إسرائيل- فوضعوه في كنيسة لهم فيها أصنام، فكانت الأصنام تُصبح مُنكسرة، فحملوه إلى قرية قوم، فأصاب أولئك القومَ أوجاعٌ، فقالوا: ما هذا إلا لهذا التابوت، فلنتركه إلى بني إسرائيل، فأخذوا عَجَلَةً فجعلوا التابوت عليها وربطوها ببقرتين، وأرسلوهما نحو بلاد بني إسرائيل، فبعث الله ملائكة تسوق البقرتين حتى دخلتا على بني إسرائيل، وهم في أمر طالوت فأيقنوا بالنصر.

وقيل غير ذلك.


(١) رضاض الشيء: كساره وفتاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>