للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعتبار المعنى، لأنه عام، وقوله: إِلَّا مَنْ رَحِمَ بدل من الواو في «يُنصرون» ، أي: لا يمنع من العذاب إلا مَن رحم الله، بالعفو عنه، أو بقبول الشفاعة فيه، أو: منصوب على الاستثناء المنقطع، أو: مرفوع على الابتداء، أي:

لكن مَن رحم اللَّهُ فيُغْنِي عنه إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الغالب، الذي لا يُنصر مَن أراد تعذيبه، الرَّحِيمُ لمَن أراد أن يرحمه.

إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ، هي على صورة شجرة الدنيا، لكنها من النار، والزقوم تمرها وهو كل طعام ثقيل.

رُوي: أنها لمّا نزلت، جمع أبو جهل عجوة وزبداً، وقال لأصحابه: تزقَّموا، فهذا هو الزقوم، وهو طعامي الذي حدّث به محمد «١» ، قصد بذلك المغالطة والتلبيس على الجهلة. أي: إن ثمر شجرة الزقوم هو طَعامُ الْأَثِيمِ أي:

الكثير الإثم، وهو الكافر لدلالة ما قبله وما بعده عليه. وقيل: نزلت في أبي جهل، ثم تعم. وكان أبو الدرداء يُقرئ رجلاً، فكان أبو الدرداء يقول: طعام الأثيم، والرجل يقول: طعام اليتيم، فكرّر عليه، فلم يفهم منه فقال:

«طعام الفاجر يا هذا «٢» » . قال النسفي: وبهذا يستدل على أن إبدال الكلمة مكان الكلمة جائز، إذا كانت مؤدّية معناها، ومنه أجاز أبو حنيفة رضي الله عنه القراءة بالفارسية، بشرط أن يؤدي القارئ المعاني كلها، من غير أن يَخْرِمَ منها شيئاً «٣» . انظر بقيته.

كَالْمُهْلِ، وهو دُردِّيُّ الزيت «٤» ، أو: ما يمهل في النار فيذوب، من نحاس وغيره، يَغْلِي فِي الْبُطُونِ مَن قرأه بالغيب «٥» رده للمهل، أو للطعام، ومَن قرأه بالتاء رده للشجرة، كَغَلْيِ الْحَمِيمِ الماء الحار الذي انتهى غليانه، أي: غليان كغلي الحميم، فالكاف في محل نصب، ثم يقال للزبانية: خُذُوهُ أي:

الأثيم فَاعْتِلُوهُ أي: جُروه، فالعتل: الأخذ بمجامع الشيء والسَّوق بالعنف والقهر، يقال: عتل يعتُلِ بالضم والكسر، أي: جروه إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ وسطها ومعظمها.


(١) أخرج سعيد بن منصور عن أبى مالك قال: «أنَّ أبا جهل كان يأتى بالتمر والزبد، فيقول: تزقموا بهذا الزقوم الذي يعدكم به محمد، فنزلت: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ» انظر الدر المنثور (٥/ ٧٥٢) .
(٢) أخرجه الحاكم (٢/ ٤٥١) «وصحّحه وأقره الذهبي» والطبري (٢٥/ ١٣١) وزاد السيوطي عزوه فى الدر (٥/ ٧٥٣) لعبد الرّزاق وعبد بن حميد وابن المنذر، عن همام بن الحارث.
(٣) قال أحمد بن المنير الإسكندرى فى الانتصاف: لا دليل فيه لذلك، وقول أبى الدرداء محمول على إيضاح المعنى، ليكون وضوح المعنى عند المتعلم عونا على أن يأتى بالقراءة كما أنزلت، وعلى هذا حمله القاضي أبو بكر فى الانتصار. (حاشية الكشاف ٤/ ٢٨١) . وانظر أيضا: تفسير القرطبي ٧/ ٦١٥٤) .
(٤) الدردي: ما رسب أسفل الزيت ونحوه.
(٥) قرأ ابن كثير وحفص: (يغلى) بالياء على التذكير، والباقون «تغلى» بالتأنيث. انظر: الإتحاف (٢/ ٤٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>