للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم عظاماً، ثم خلقاً آخر، ثم جنيناً، ثم وليداً، ثم رضيعاً، ثم فطيماً، ثم يافعاً، ثم ناشئاً، ثم مترعرعاً، ثم مزوِّراً، ثم مراهقاً، ثم محتلماً، ثم بالغاً، ثم حَمَلاً، ثم ملتحياً، ثم مستوفياً، ثم مصعَداً، ثم مجتمعاً ـ والشباب يجمع ذلك ـ ثم مَلْهوراً، ثم كهلاً، ثم أشمط، ثم شيخاً، ثم أشيب، ثم حَوْقلاً، ثم مُقتاتاً، ثم هما، ثم هرماً، ثم ميتاً. وهذا معنى قوله: {لتَرْكَبُنَّ طبقاً عن طبق} . هـ. من الثعلبي. أو: لتركبن سنن مَن قبلكم، حالاً بعد حال.

هذا على مَن قرأ بضم الباء، وأمّا مَن قرأ بفتحها فالخطاب إمّا للإنسان المتقدم، فيجري فيه ما تقدّم، أو: للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: لتركبَن مكابدة الكفار حالاً بعد حال، أو: لتركبَن فتح البلاد شيئاً بعد شيء، أو: لتركبَن السماوات في الإسراء، سماء بعد سماء. أو: لتركبَن أحوال أيامك، حالاً بعد حال، حال البعثه، ثم حال الدعوة، ثم حال الهجرة، ثم حال الجهاد وفتح البلاد، ثم حال الحج وتوديع العباد، ثم حال الرحيل إلى دار المقام، ثم حال الشفاعة، ثم حال المقام في دار الكرامة. فالطبق في اللغة يُطلق على الحال، كما قال الشاعر:

الصبر أجمل والدنيا مفجعةٌ

مَن ذا الذي لم يزوّر عيشه رنقا

إذا صفا لك من مسرورها طبق

أهدى لك الدهر من مكروهها طبقا

ويطلق على الجيل من الناس يكون طباق الأرض، أي: ملأها، ومنمهم قول العباس في النبي صلى الله عليه وسلم:

تَنقَّل من صَالبٍ إلى رَحمٍ

إذا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ

ومحل (عن طبق) : النصب، على أنه صفة لطبق، أي: طبقاً مجاوزاً لطبق، أو: حال من الضمير في " لتركبن " أي: مجاوزين لطبق. {فما لهم لا يؤمنون} ، الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، من أحوال يوم القيامة وأهوالها، أي: إذا كان الأمر يوم القيامة كما ذكر، فأيّ شيء حصل لهم حال كونهم غير مؤمنين، أي: أيّ شيء يمنعهم من الإيمان، وقد تعاضدت موجباته؟ {وإِذا قُرىءَ عليهم القرآنُ لا يسجدون} ولا يخضعون، وهي أيضاً جملة حالية، نسقاً على ما قبلها، أي: أيّ: مانع لهم حال عدم سجودهم وخضوعهم واستكانتهم عند قراءة القرآن؟ . قيل: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب} [العلق: ١٩] فسجد هو ومَن معه من المؤمنين، وقريش تُصَفِّق فوق رؤوسهم وتُصفِّر، فنزلت. وبه احتجّ أبو حنيفة على وجوب السجدة وعن ابن عباس: " ليس في المفصل سجدة "، وبه قال مالك. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سجد فيها، وقال: " والله ما سجدت إلاّ بعد أن رأيت النبي صلى الله عليه وسلم سجد

<<  <  ج: ص:  >  >>