للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحس والمعنى، لأن الفتوة من شأن أهل التوحيد، ومن شيم أهل التجريد، كما هو معلوم من حالهم، نفعنا الله بذكرهم، وخرطنا في سلكهم. آمين.

قال الورتجبي: «الوالدين» : مشايخ المعرفة. ثم نقل عن الجنيد، أنه قال: أمرني أبي أمرًا، وأمرني السري أمرًا.

فقدمت أمر السري على أمر أبي، وكل ما وجدت فهو من بركاته. هـ. وذوو القربى هم الأخوة في الشيخ، واليتامى: من قصدهم من المتفقرة الجاهلة، والمساكين: ضعفاء اليقين من العامة، أمر الله تعالى أهل الخصوصية بالإحسان إليهم والبرور بهم، وهو أن يقرهم في طريقهم، ويحوشهم إلى ربهم.

والجار ذي القربى وهو جارك في السكنى وأخوك في النسبة، فيستحق عليك زيادة الإحسان. والجار الجنب: من جاورك من العوام فتنصحه وترشده، والصاحب بالجنب: من رافقك في أمر من العوام، كَسَفَرٍ وغيره، وابن السبيل:

من نزل بأهل الخصوصية من الأضياف، فلهم حق الضيافة عليهم حسًّا ومعنًى، وما ملكت أيمانكم: مالكم تصرف عليهم من الأهل والبنين والإماء والعبيد، فتقربونهم إلى حضرة الملك المجيد. ثم أمرهم بالتواضع والإقبال على الخاص والعام. فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً. والله تعالى أعلم.

ثم بيّن حال أضداد هؤلاء، فقال:

[سورة النساء (٤) : الآيات ٣٧ الى ٣٩]

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (٣٧) وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (٣٨) وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً (٣٩)

قلت: (الذين) بدل مِن: «مَن كان» ، أو منصوب على الذم، أو مرفوع عليه، أي: هم. أو مبتدأ حُذف خبره، أي: نعذبهم عذابًا مُهينًا، أو أحقاء بكل ملامة، و (الذين ينفقون) : عطف على الأولى، أو مبتدأ حُذف خبره، أي:

الشيطان قرينهم. والبخل فيه لغتان: البُخل والبَخَل بحركتين.

يقول الحق جلّ جلاله: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بأموالهم على أقاربهم وجيرانهم، وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ من الغنى، فيظهرون القلة والعيلة، أو يكتمون العلم بصفة النبي صلى الله عليه وسلم، هم أحقاء بكل لوم وعتاب. وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ منهم عَذاباً مُهِيناً يُهينهم ويُخزيهم، نزلت في اليهود، كانوا يقولون

<<  <  ج: ص:  >  >>