للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيطان، فَقاتِلُوا يا أولياء الله أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ ولا يهولكم كيده إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً، وكيد الله للكافرين كان قويًا متينًا، فلا تخافوا أولياءه، فأنهم اعتمدوا على أضعف شيء وأوهنه، وأنتم اعتمدتم على أقوى شيء وأمتَنِه.

الإشارة: كل ما سوى الله طاغوت، فمن قصد بجهاده أو عمله رضى الله والوصول إلى حضرته دون شيء سواه، كان من أولياء الله، ومن قصد بجهاده أو أعماله حظًا دنيويًا أو أخرويًا خرج من دائرة الولاية، فإما أن يكون مع عامة أهل الإيمان، أو من أولياء الشيطان. قال صلّى الله عليه وسلم: «إنَّما الأعمَالُ بالنيات، وإنما لكلّ امرئ مَا نَوَى، فمن كانَت هجرَتُه إلى الله ورسولِه فهجرتُه إلى اللهْ ورسولِه، ومن كانت هجرتُه إلى دُنيا يُصيبهُا أو امرأةٍ ينكِحُها، فهجرتُه إلى ما هَاجَرَ إليه» . وقال في الحِكَم: «لا ترحل من كَونٍ إلى كَونٍ، فتكون كحمار الرحى، يسير والذي ارتحل منه هو الذي ارتحل إليه، ولكن أرحل من الأكوانِ إلى المُكَوِّنِ، وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى» .

ثم عاتب الحقّ جل جلاله قوما طلبوا فرض الجهاد، فلما فرض عليهم خطر ببالهم شىء من طبع البشر، الذي هو الخوف من الموت، فقال:

[[سورة النساء (٤) : آية ٧٧]]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧٧)

قلت: (أو أشد) عطف على الكاف النائبة عن المصدر، أي: خشيةً مثل خشية الله أو أشد، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول، أي: مثل خشيتهم الله.

يقول الحق جلّ جلاله: أَلَمْ تَرَ يا محمد إِلَى الَّذِينَ طلبوا منك فرضَ الجهاد حرصًا على أن يجاهدوا، فقيل لهم على لسان الرسول: كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ عنه إلى أوَانِ فَرضِه، واشتغلوا بما أُمِرتم به من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ دخلهم الخوف إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>