للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ يريد: ما كان يتصدق به يوم الحصاد، لا الزكاة المقدرة لأنها فرضت بالمدينة، وكان ذلك واجبًا ثم نسخ بالعشر. وقيل: الزكاة حقيقةً، والآية مدنية، وقيل: مكية، ولم يعيَّن قدرها إلا بالمدينة، والأمر بإتيانها يوم الحصاد ليُهتم به حينئذٍ، حتى لا يؤخر عن وقت الأداء، خلاف ما يفعله العامة من خزنها مع ماله، حتى يدفعها في نوائب المخزن «١» ، وليعلم أن الوجوب بالإفراك والطيب، لا بالتصفية، ولذلك شرع التخريص، وَلا تُسْرِفُوا بصرفها في غير محلها، ولا تتعدُّوا ما أُمرتم به فتجعلوا ما أنشأ الله للأصنام، أو: لا تسرفوا في التصدق بالكل، كقوله: وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ «٢» ، إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ أي: لا يرضى فعلهم.

الإشارة: وهو الذي أنشأ جنات المعارف لمن خرق عوائده، معروشات بشهود أسرار الجبروت، وغير معروشات بشهود أنوار الملكوت، أو معروشات بشهود المعاني مع الأواني، وغير معروشات بشهود الأواني فقط، أو معروشات بشهود المؤثر والأثر، وغير معروشات بشهود المؤثر فقط، وكلها ترجع لمعنى واحد، والمعروش أرفع من غيره وأكمل، والأول: مقام البقاء والصحو، والثاني: مقام الفناء والسكر، والنخل والزرع: الحقيقة والشريعة على اختلاف علومهما، والزيتون والرمان: الأعمال والأحوال، متفقة وغير متفقة، وثمره: حلاوة الشهود، فليأكل منها المريد إذا طاب وقته، ولا تُسرفوا في الأحوال، إنه لا يحب المسرفين.

ثم ذكر إنشاء الأنعام، فقال:

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٤٢ الى ١٤٤]

وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٤٢) ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٤٤)

قلت: (حَمولة وفرشًا) : عطف على جنات، وثَمانِيَةَ أَزْواجٍ: بدل من حَمولة، و (من الضأن اثنين) : بدل من ثمانية.


(١) أي: جامع الضرائب.
(٢) من الآية ٢٩ من سورة الإسراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>