للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الحق جلّ جلاله: اتَّبِعُوا أيها الناس ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ من أحكام القرآن والسنة إذ كله وحي يوحى، وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى «١» ، وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أي: الله، أَوْلِياءَ من الجن والإنس يضلونكم عن دينه، أو: ولا تتبعوا من دون ما أنزل إليكم أولياء، تتبعونهم فيما يأمرونكم به وينهونكم، وتتركون ما أُنزل إليكم من ربكم، قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ: تتعظون حيث تتركون دين الله وتتبعون غيره، بعد كمال إنذاره ووضوح تذكاره، وذلك لانطماس البصيرة وعمي القلوب، والعياذ بالله.

الإشارة: اتباع الحبيب في أمره ونهيه يدل على صحة دعوى المحبة، ومخالفته يدل على بطلانها.

تَعصِي الإله وأنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ ... هذَا محَالٌ في القياس بديع

لو كان حبك صادقا لأطعته ... إن المحب لمن يحب مُطِيعُ «٢»

وجمع المحبة في محبوب واحد يدل على كمالها، وتفرق المحبة يدل على ضعفها، ولذلك قال الشاعر:

كَانَت لَقلبِي أهواءٌ مُفَرَّقَةٌ ... فَاسْتَجْمَعَتْ مُذَ رأتك العَيْنُ أهوائي

فلا تجتمع المحبة في محبوب واحد إلا بعد كمال معرفة المحبوب، وشهود أنوار جماله وكمال أسراره. والله تعالى أعلم.

ثم ذكر وبال من لم يتبع، فقال:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤ الى ٧]

وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٤) فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٥) فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ (٧)

قلت: (كم) : خبرية، مفعول (أهلكنا) ، وهو على حذف الإرادة، أي: في الحال أردنا إهلاكها، و (بياتًا أو هم قائلون) : حالان، أي: بائتين أو قائلين، وأغني الضمير في (هم) عن واو الحال.


(١) الآية ٥ من سورة النجم.
(٢) البيتان لعبد الله بن المبارك.

<<  <  ج: ص:  >  >>