للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم طلب منه إظهار المعجزة، فقال:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٠٦ الى ١١٢]

قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (١٠٧) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَماذا تَأْمُرُونَ (١١٠)

قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢)

قلت: يقال: أرجأ، بالهمز، يرجىء بمعنى آخر فمن قرأ بالهمزة فعلى الأصل، ومن قرأه بغير الهمزة فيحتمل أن يكون بمعنى المهموز، وسهلت الهمزة، أو يكون بمعنى الرجاء، أي: أطمعه، وأما ضم الهاء وكسرها فلغتان، وأما إسكانها فلغة أجرى فيها الوصل مجرى الوقف. وقد تتبع البيضاوي توجيه القراءات، فانظره إن شئت.

يقول الحق جلّ جلاله: قالَ فرعون لموسى عليه السلام: إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ مَن عند مَن أرسلك، كما ذكرتَ، فَأْتِ بِها وأحضرها ليَثبت بها صدقك إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ في دعواك، فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ أي: ظاهر أمره، لا يشك في أنه ثعبان، وهي الحية العظيمة.

رُوِي أنه لما ألقاها صار ثعباناً أشعر، فاغراً فاه، بين لَحْيَيْهِ ثمانون ذراعًا، وضع لحيه الأسفل على الأرض والأعلى على سور القصر، ثم توجه نحو فرعون، فهرب منه وأحدَثَ، وانهزم الناسُ مُزدحمين، فمات منهم خمسة وعشرون ألفًا، وصاح فرعون: يا موسى، أُنشدك الذي أرسلك خذه، وأنا أُومن بك، وأرسل معك بني إسرائيل، فأخذه فعاد عصًا. قاله البيضاوي.

ثم أظهر له معجزة أخرى: وَنَزَعَ يَدَهُ من جيبه، أو من تحت إبطه، فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ أي:

بيضاء بياضاً خارجاً عن العادة، يجتمع عليها النظارة، أو بيضاء للنظار، لا أنها كانت بيضاء في خلقتها، بل كانت شديدة الأدمة كلون صاحبها. رُوِي أنه كان شديد الأدمة فأدخل يده في جيبه أو تحت إبطه، ثم نزعها، فإذا هي بيضاء نورانية، غلب شعاعُها شعاعَ الشمس.

قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ، قيل: قاله هو وأشرافُ قومه، على سبيل المشاورة في أمره، فحكى عنه في سورة الشعراء، وعنهم هنا، أو قاله هو ووافقوه عليه، كعادة جلساء الملوك مع أتباعهم.

يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بالحيل، أو بالقتال، أو بإخراج بني إسرائيل، وكانوا خدامًا لهم، فتخرب البلد

<<  <  ج: ص:  >  >>