للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أسباطًا: بدل لا تمييز لأن تمييز العدد يكون مفردًا، والتمييز محذوف، أي: فرقة أسباطًا. وقال الزمخشري: يصح تمييزًا لأن كل قبيلة أسباط لاسبط. هـ. فكأنه قال: وقطعناهم اثنتي عشرة سبطًا سبطا. والسبط في بني إسرائيل كالقبيلة عند العرب، و (أُممًا) : بدل بعد بدل على الأول، وعلى الثاني بدل من أسباط.

يقول الحق جلّ جلاله: وَقَطَّعْناهُمُ أي: بني إسرائيل، أي: فرقناهم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أثني عشر سبطًا، أُمَماً متميزة، كل سبط أمة مستقلة، وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ في التيه، أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ انفجرت، إلا أن الانبجاس أخف من الانفجار، أي: فضرب فانبجست، وحذفه للإيماء إلى أن موسى لم يتوقف في الامتثال، وأن ضربه لم يكن مؤثرًا يتوقف عليه الفعل من ذاته، بل سبب عادي وحكمة جارية، والفعل إنما هو بالقدرة الإلهية، أي: نبعت مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً، قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ كل سبط مَشْرَبَهُمْ، وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ لتقيهم من حرّ الشمس، وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى، وقلنا لهم: كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ سبق في سورة البقرة، وكذلك الإشارة «١» .

ثم قال:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٦١ الى ١٦٢]

وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ (١٦٢)

يقول الحق جلّ جلاله: وَاذكروا إِذْ قِيلَ لبني إسرائيل: اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ بيت المقدس، وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ، وَقُولُوا: أمرنا حِطَّةٌ، وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً سجود أنحناء، نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ التي سلفت، سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ وعد بالغفران والزيادة عليه، وإنما أخرج الثاني مخرج الاستئناف، يعني: سنزيد، ولم يقل: وسنزيد للدلالة على أنه تفضل محض، ليس في مقابلة ما أمروا به، فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ قالوا: حبة في شعرة، مكان حطة، لأنهم حملوا الحطة على الحنطة. فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ قد مر تفسيره، وإشارته، في سورة البقرة «٢» .


(١) راجع تفسير الآية ٦٠ من سورة البقرة.
(٢) راجع تفسير الآية ٥٨ من سورة البقرة. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>