للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخفنا أن يتشوّش الرجّالة الباقون، فيفلت إنسان آخر، فرجعنا مسرعين، وجلسنا مغمومين، مفكّرين ماذا نعمل.

فقال رئيسنا: إنّ الأبزاعجيّ لا يقيل لي عثرة، ولا يقبل مني عذرا، ويقع له أنّني قد أخذت من أحد اللصوص مالا وأفلتّه، فيضربني للتقرير، فلا أقرّ، فيقع له، أنّني أتجلّد عليه، فيمرّ الضرب عليّ، إلى أن أتلف، فما الرأي؟

فقلت: تهرب.

قال: فمن أين أعيش؟

فقلت: هذا نصف اللّيل، ولم يعلم بما جرى أحد، فقم حتى نطوف، فلا يخلو أن يقع بأيدينا مشؤوم، قد حانت منيّته، فنوثقه، ونصلبه، ونقول له: سلّمت إلينا [١٧٩] عشرين رجلا، فإنّه ما أثبت حلاهم «١» .

فقال: هذا صواب.

فقمنا نطوف، وسلكنا طريق الجسر، لنعبر [إلى] الجانب الغربيّ، فرأينا في أسفل كرسيّ الجسر رجلا يبول، فعدلنا إليه، فقبضنا عليه.

فصاح: يا قوم ما لكم؟ أنا رجل ملّاح، صعدت من سميريّتي أبول، وهذه سميريّتي- وأومأ إليها- أيّ شيء بيني وبينكم؟

فضربناه، وقلنا: أنت اللّص الذي هرب من الخشبة، وجبناه «٢» ، ورقيناه إلى الخشبة، وصلبناه مكان اللّص الهارب، وهو يصيح طول الليل، ويبكي.

فتقطّعت قلوبنا رحمة له، وقلنا: مظلوم، ولكن ما الحيلة؟