للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصاح الأمير معزّ الدولة، وركب سرعان العسكر في طلبي، فما زلت أركض، وخلفي جماعة [٢٢٨] ، حتى حصلت في شعب طويل، وهم ورائي.

فاستقبلني قوم من العلّافة «١» ، رأيتهم على بعد، من ضوء مشاعلهم، ومعهم عسكر.

فقلت في نفسي: يا دكين، اليوم يومك، وراءك عسكر، وأمامك عسكر، فإن ملكوك، لم يوصلوك إلى معزّ الدولة، إلّا ميتا، وليس غير الإقدام على ما تقدّر فيه النجاة.

فقام في نفسي أن أحمل على من هو أمامي، وليس لهم علم بخبري، فسللت سيفا كان معي، فوق ثيابي، وتحت الجبة التي لبستها من ثياب سوّاس معزّ الدولة، وحرّكت وهم لا يروني، لأنّهم في الضوء، وأنا في الظلمة.

فلما قربت منهم، صحت بهم صياحا عظيما، فقدّروني ابتداء خيل قد كبستهم، تريدهم.

وأقبلت أحمل على واحد، واحد، وأنا أضرب، فيتوقّاني، وأحذره، إلى أن تخلّصت منهم، وجريت.

ولحقت بهم الخيل التي كانت خلفي، وتشاغلوا بمساءلتهم عنّي قليلا، ففت الفريقين.

وحملت الفرس إلى الشام، فبعته على سيف الدولة، بثلاثة آلاف درهم، [٢٢٩] ودحت في البلاد، إلى أن صرت إلى بغداد، ومعزّ الدولة، يطلب قوما من العرب، ليفرض «٢» لهم وينفذهم إلى بعث.

فحملني المسيّب بن رافع العقيليّ، في جماعة، إليه، عرضهم عليه، فأثبتني.