للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو دعوتنا البارحة، فكنا نلعب معك شاذكلى، ولكنّك احتشمت، لأجل المصبّغات التي لبستها أنت وعشيقتك.

قال: فكاد القاسم أن يموت جزعا.

فقال له: ما لك قد جزعت؟ وأيّ شيء في هذا؟ لو علمنا أنّه يلحقك هذا، ما أخبرناك بشيء، ولا آذيت قلبك، امض في ودائع الله.

قال: فعاد القاسم إلى داره كئيبا، وجمع نصحاءه، وأخبرهم الخبر، وقال: ما أراد المعتضد بهذا، إلّا ليعرّفني أنّ هذا القدر من أخباري ليس يخفى عليه، وإن كان على الحقيقة قد علم هذا القدر، فكيف تخفى عليه مرافقي «١» ، وما هو أظهر من هذا من أخباري؟ وكيف يكون عيشي؟

وانّه لا ينستر عليه مثل هذا؟ وما تروني أصنع «٢» ؟

فأخذوا يطيّبون قلبه، ولا يزداد إلّا جزعا، إلى أن قال لهم: إن لم أعرف من رقى هذا الخبر، انشقّت مرارتي، وقتلت نفسي.

فقالوا له: نحن نبحث ونتعرّف.

فابتدر أحدهم، وقال [٢٤٢] : أنا أكفيك، أيّها الأمير، هذا.

قال: وجعل ذلك الصاحب، يطوف حوالي دار الخليفة، ليجد من يشبه صاحب خبر، فيخمّن عليه، فما ظفر بشيء يومه ذلك.

فلما كان من الغد، طاف الدواوين، ومجالس أصحاب البريد والخبر، يومه أجمع، فما ظفر بشيء.

فلما كان اليوم الثالث، طاف دار الوزارة، ومقاصيرها، فلم يظفر بشيء.