للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا عدت من دير العاقول خرج علينا اللصوص في سفن عدّة بسلاح شاك «١» في نحو مائة رجل، وهو كالعسكر العظيم.

وكان معي غلمان يرمون بالنشّاب، فحلفت أنّ من رمى منهم سهما ضربته إذا رجعت إلى المدينة، مائتي مقرعة «٢» ، وذلك إنّني خفت أن يقتل أحد منهم، فلا يرضون إلّا بقتلي.

وبادرت فرميت بجميع ما كان معي، ومع الغلمان، من السلاح، في دجلة، واستسلمت طلبا لسلامة النفس.

وجعلت أفكّر في الطالع الذي خرجت به، فإذا ليس مثله ممّا يوجب عندهم قطعا، والناس قد أديروا إلى الشاطئ، وأنا في جملتهم، وهم يضربون، ويقطّعون بالسيوف.

فلمّا انتهى الأمر إليّ، جعلت أعجب من حصولي في مثل ذلك، والطالع لا يوجبه.

فبينا أنا كذلك، وإذا بسفينة رئيسهم قد دنت، وطرح عليّ «٣» كما صنع بسائر السفن، ليشرف على ما يؤخذ.

فحين رآني زجر أصحابه عنّي، ومنعهم من أخذ شيء من سفينتي، وصعد بمفرده إليّ، وجعل يتأمّلني، ثم أكبّ علي يديّ يقبّلهما، وهو متلثّم.

فارتعت، وقلت: يا هذا، ما شأنك؟

فأسفر عن لثامه، وقال: أما تعرفني يا سيّدي؟