للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وخرجت من عنده، ورجعت إلى المسجد الحرام «١» ، فما استقررت فيه، حتى نشأت سحابة، فبرقت، ورعدت، وجاءت بمطر يسير، وبرد كثير.

فبادرت إلى الغلمان، فقلت: اجمعوا.

فجمعنا منه شيئا عظيما، وملأنا منه جرارا كثيرة، وجمع أهل مكّة منه شيئا عظيما.

وكان علي بن عيسى صائما، فلما كان وقت المغرب، خرج إلى المسجد الحرام ليصلّي المغرب.

فقلت له: أنت والله مقبل، والنكبة زائلة، وهذه علامات الإقبال، فاشرب الثلج كما طلبت.

وجئته بأقداح مملوءة من أصناف الأسوقة «٢» والأشربة، مكبوسة بالبرد.

فأقبل يسقي ذلك من قرب منه، من الصوفيّة، والمجاورين، والضعفاء، ويستزيد، ونحن نأتيه بما عندنا، وأقول له: اشرب، فيقول: حتى يشرب الناس.

فخبأت مقدار خمسة أرطال «٣» ، وقلت له: إنّه لم يبق شيء.

فقال: الحمد لله، ليتني كنت تمنّيت المغفرة، فلعلّي كنت أجاب.

فلمّا دخل البيت لم أزل أداريه حتى شرب منه، وتقوّت ليلته بباقيه.

المنتظم ٦/٣٥١