للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت: أسألك بالله، وبمن حججت له، عن شيء فتصدقني؟

قلت: نعم، فقالت: خلطت في هذه الدراهم شيئا من عندك؟

فقلت: نعم، فمن أين علمت هذا؟

فقالت: ما كان أبي يزيدني على الثلاثين شيئا، لأنّ حاله لا تحتمل أكثر منها، إلّا أن يكون ترك العبادة، فلو أخبرتني بذلك، ما أخذت منه أيضا شيئا.

ثم قالت لي: خذ الجميع فقد عققتني، من حيث قدّرت أنّك بررتني، ولا آخذ من مال لا أعرف كيف هو، شيئا.

فقلت: خذي منها ثلاثين، كما أنفذ إليك أبوك، وردّي الباقي.

فقالت: لو عرفتها بعينها من جملة الدراهم لأخذتها، ولكن قد اختلطت بما لا أعرف جهته، فلا آخذ منها شيئا، وأنا الآن أقتات إلى الموسم الآخر من المزابل، لأنّ هذه كانت قوتي طول السنة، فقد أجعتني، ولولا أنّك ما قصدت أذاي، لدعوت عليك.

قال: فاغتممت، وعدت إلى البصرة، وجئت إلى أبي الحسن، فأخبرته، واعتذرت إليه.

فقال: لا آخذها وقد اختلطت بغير مالي، وقد عققتني وإيّاها.

قال: فقلت ما أعمل بالدراهم؟

قال: لا أدري.

فما زلت مدّة أعتذر إليه، وأسأله ما أعمل بالدراهم.

فقال لي بعد مدّة: صدّق بها.

ففعلت.

المنتظم ٦/٣٦١