للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرياستين، واعترض ما حفظناه، فنخبره به.

فقصدنا ذات يوم إلى الشيخ، فقال: أنتم أدباء، وقد سمعتم، ولكم جدات «١» ونعم، فهل فيكم عاشق؟

فقلنا: لا.

فقال: اعشقوا، فإن العشق يطلق اللسان العييّ، ويفتح حيلة البليد والمخبّل «٢» ، ويبعث على التنظّف وتحسين اللباس، وتطييب المطعم، ويدعو إلى الحركة والذكاء، ويشرّف الهمة، وإياكم والحرام.

فانصرفنا من عنده إلى ذي الرياستين، فسألنا عما أخذنا في يومنا ذاك، فهبنا أن نخبره، فعزم علينا، فقلنا: إنّه أمرنا بكذا وكذا.

قال: صدق والله، تعلمون من أين أخذ هذا؟

قلنا: لا.

قال: إنّ بهرام جور «٣» كان له ابن «٤» ، وكان قد رشحه للأمر من بعده، فنشأ الفتى ناقص الهمة، ساقط المروءة، خامل النفس، سيّء الأدب، فغمّه ذلك، ووكّل به المؤدبين، والمنجمين، والحكماء، ومن يلازمه ويعلّمه، وكان يسألهم عنه، فيحكون له ما يغمه من سوء فهمه، وقلّة أدبه.

إلى أن سأل بعض مؤدّبيه يوما، فقال له المؤدب: قد كنا نخاف سوء أدبه، فحدث من أمره، ما صيّرنا إلى اليأس من فلاحه.