للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحصيها كثرة، نذورا على أمور متعدّدة، فبلغتها، ولزمني النذر، فوفيت به.

فلم يقبل هذا القول، وتكلّم بما دل على أنّ هذا إنّما يقع منه اليسير اتّفاقا، فيتسوّق العوام بأضعافه، ويسيّرون الأحاديث الباطلة فيه، فامسكت.

فلما كان بعد أيام يسيرة، ونحن معسكرون في موضعنا، استدعاني، في غدوة يوم، وقال: اركب معي إلى مشهد النذور.

فركبت، وركب في نفر من حاشيته، إلى أن جئت به إلى الموضع، فدخله، وزار القبر، وصلّى عنده ركعتين، سجد بعدهما سجدة طويلة، أطال فيها المناجاة بما لم يسمعه أحد، ثم ركبنا معه إلى خيمته، ثم رحل ورحلنا معه نريد همذان، وبلغناها، وأقمنا فيها معه شهورا.

فلما كان بعد ذلك استدعاني وقال لي: ألست تذكر ما حدّثتني به في أمر مشهد النذور ببغداد؟

فقلت: بلى.

فقال: إنّي خاطبتك في معناه، بدون ما كان في نفسي، اعتمادا لإحسان عشرتك، والذي كان في نفسي، في الحقيقة، أنّ جميع ما يقال فيه كذب.

فلما كان بعد ذلك بمديدة، طرقني أمر خشيت أن يقع ويتمّ، وأعملت فكري في الاحتيال لزواله، ولو بجميع ما في بيوت أموالي، وسائر عساكري، فلم أجد لذلك فيه مذهبا.

فتذكّرت ما أخبرتني به من النذر لقبر النذور، فقلت: لم لا أجرّب ذلك؟ فنذرت إن كفاني الله سبحانه ذلك الأمر، أن أحمل إلى صندوق هذا المشهد عشرة آلاف درهم صحاحا.

فلما كان اليوم، جاءتني الأخبار بكفايتي ذلك الأمر، فتقدّمت إلى