للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودافعت، فاعتقلني في الديوان، وأمرني بعمل الحساب فيه.

فأخذت أعلّل، وأطاول، إشفاقا من أن تتحقّق البقيّة، فأحصل تحت المطالبة، بغير عذر ولا حجّة.

ثم أرهقني، ودعاني إلى حضرته، فدخلت، ومعي كيس حسابي، لأريه ما أرتفع منه، وأسأله إنظاري بإتمامه، واستكماله.

وفتحت الكيس بين يديه، وكنت أستطيب خبز البيت، ولا آكل غيره، ويحمل إليّ من منزلي في كلّ يومين أو ثلاثة، ما أريد منه.

وبحسن الاتفاق، تركت في الكيس منه رغيفين، استظهارا، لئلّا يتأخّر عنّي ما يحمل إليّ.

وبينما أقلّب الحساب، وقعت عين الوزير أبي الحسن على الرغيفين، فلما رآهما، قال لي: أضمم إليك حسابك- مرارا- فضممته وشددته.

وقال لي: قم إلى بيتك.

فانصرفت، ولم يطالبني بشيء بعد ذلك، ولا تنبّه من نظر بعد على أمري، فانكسر المال- والله- وكان سببه الرغيفين، لأنّ علي بن عيسى، لمّا رآهما، وقد كنت أشكو الخسارة والفقر، حملني على أنّ حملي للرغيفين مع الحساب، لضعف حال، وشدّة فاقة.

الوزراء للصابي ٣٧٥