للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤٧ ليلى والمجنون]

أخبرتنا شهدة بنت أحمد «١» ، قالت: أنبأنا أبو محمد بن السراج «٢» ، قالا: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثني رجل من بني عامر، يقال له: رباح بن حبيب، قال:

كان في بني عامر جارية من أجمل النساء، لها عقل وأدب، يقال لها ليلى بنت مهدي.

فبلغ المجنون خبرها، وما هي عليه من الجمال والعقل، وكان صبّا بمحادثة النساء، فعمد إلى أحسن ثيابه، فلبسها وتهيّأ، فلما جلس إليها، وتحدّث بين يديها، أعجبته، ووقعت بقلبه، فظل يومه ذاك يحدّثها وتحدّثه حتى أمسى، فانصرف إلى أهله، فبات بأطول ليلة، حتى إذا أصبح مضى إليها، فلم يزل عندها حتى أمسى، ثم انصرف، فبات بأطول من ليلته الأولى، وجهد أن يغمض، فلم يقدر على ذلك، فأنشأ يقول:

نهاري نهار الناس حتى إذا بدا ... لي الليل هزّتني إليك المضاجع

أقضيّ نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني والهمّ باللّيل جامع

وأدام زيارتها، وترك إتيان كل من كان يأتيه، فوقع في قلبها مثل الذي وقع في قلبه، فجاء يوما يحدّثها، فجعلت تعرض عنه، وتقبل على غيره،