للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منّيتها

النّفس حتى قد أضرّ بها ... وأحدثت خلقا ممّا أمنّيها

قال ابن خلف: وقال أبو عبيدة «١» : كان المجنون يجلس في نادي قومه وهم يتحدّثون، فيقبل عليه بعض القوم، فيحدّثه، وهو باهت ينظر إليهم، ولا يفهم ما يحدّثه به، ثم يثوب إليه عقله، فيسأل عن الحديث، فلا يعرفه، فحدّثه مرة بعض أهله بحديث، ثم سأله عنه في غد، فلم يعرفه، فقال:

إنّك لمجنون، فقال:

إنّي لأجلس في النادي أحدّثهم ... فأستفيق وقد غالتني الغول

يهوى بقلبي حديث النفس دونكم ... حتى يقول خليلي أنت مخبول

قال أبو عبيدة: فتزايد الأمر به، حتى فقد عقله، فكان لا يقرّ في موضع، ولا يؤويه رحل، ولا يعلوه ثوب إلا مزّقه، وصار لا يفهم شيئا ممّا يكلّم به، إلّا أن تذكر له ليلى، فإذا ذكرت أجاب النداء به، ورجع عقله.

ذم الهوى ٣٨٤