للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمد بن يزداد: فقال لي: يا هذا، قد عرفت ما تقدّم به إليك الخليفة في أمري، ووالله ما رأيت هذا المال، ولا نصفه، ولا ثلثه قط، ولا يحتوي عليه ملكي، ولعلّ الخليفة يريد دمي، وقد جعل هذا إليه طريقا، وقد تفضّلت عليّ بما لا يسعني معه أن أدّخر جهدا في تجميلك عند صاحبك، وقد كتبت تذكرة بجميع ما يحتويه ملكي، ظاهرا وباطنا، وهي هذه، وسلّمها إليّ، وإذا هي تشتمل على ثلاثة آلاف ألف درهم، وعليّ، وعليّ، وحلف بالطلاق والعتاق، والأيمان المغلّظة، ما تركت لنفسي بعد ذلك، إلّا ما عليّ من كسوة تستر عورتي، وهذا وسعي، وجهدي، فإن رأيت أن تأخذه، وتسأل الخليفة الرضا به منّي، فإن فعل فقد خلّصني الله بك، ونجّاني من القتل على يدك، وإن أبى، فإنّه يسلمني إلى عدوّي الفضل بن مروان «١» ، وهو القتل، ووالله، لا أعطيت على هذا الوجه، درهما واحدا، ولا كنت ممن يجيء على الهوان، دون الإكرام، وسأتلف، ولا يصل الخليفة إلى حبّة من مالي، ولكنّ المنّة لك عليّ حاصلة «٢» ، فإن عشت شكرتها، وإن متّ فالله مجازيك عنّي.

قال: فأخذت التذكرة، ورحت إلى المأمون.

فقال: ما عملت في أمر عمرو بن نهيوي؟

فقلت: إنّه قد بذل ألفي ألف درهم، وليس عنده أكثر من ذلك.