للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فقصصت الرؤيا على الحفّارين، فطمّوا القبر في الحال، وراعيت أمر المرأة، فجاء رسل القوم، يسألون عن القبر، فقال الحفارون: إنّ الموضع، ليس يتأتّى فيه قبر، لأنّا قد وقعنا على حمأة تحت الأرض، لا يثبت فيها ميت.

فسألوا جماعة من أصحاب القباب، أن يحفروا عندهم، فأبوا عليهم، وكان الخبر قد انتشر بين الحفّارين واشتهر، فمضوا إلى مقبرة أخرى، فحفروا للمرأة.

فاستدللت على الموضع الذي تخرج منه الجنازة، فدللت، فحضرت، وشيّعت الجنازة، وكان الجمع عظيما هائلا، والرجل جليلا، ورأيت خلف الجنازة فتى ملتحيا حسن الوجه، ذكر أنه ابن المرأة، وهو يعزّى وأبوه، وهما وقيذان بالمصيبة.

فلما دفنت المرأة تقدّمت إليهما، فقلت: إنّي رأيت مناما في أمر هذه المتوفاة، فإن أحببتما، قصصته عليكما.

فقال الشيخ الذي هو زوج المتوفاة: أمّا أنا فما أحبّ ذلك.

فأقبل الفتى، فقال: إن رأيت أن تفعل.

فقلت: تخلو معي، فقام.

فقلت: إنّ الرؤيا عظيمة، فاحتملني.

قال: قل.

فقصصت عليه الرؤيا، وقلت: يجب لك أن تنظر في هذا الأمر الذي أوجب من الله لهذه المرأة، ما ذكرته لك، فتجتنب مثله، وإن جاز أن تعرّفنيه لأجتنب مثله، فافعل.

فقال والله يا أخي، ما أعرف من حال أمي ما يوجب هذا، أكثر من أنّ أمي كانت تشرب النبيذ، وتسمع الغناء، وترمى بالنساء، وما يوجب