للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان على هذا سنة، لا يجيء إليه أحد، ولا يخرج من عنده أحد، ولا أراه أنا، ولا غيري.

إلى أن جاء ليلة، في وقت المغرب، فدقّ بابي، فخرجت، فقلت ما لك؟

فقال: اعلم أنّ زوجتي قد ضربها الطلق، فأغثني بقابلة.

وكان في داري قابلة لأم أولادي، فحملتها إليه، فأقامت عنده ليلتها، فلما كان في الغد جاءتني، فذكرت أنّ امرأته ولدت في الليل بنتا، وانّها أصلحت أمورها، وأنّ النفساء في حالة التلف، وعادت إليها.

فلما كان في وقت الظهيرة، ماتت الجارية، فجاءت القابلة، فأخبرتنا.

فقال: الله الله أن تجيئني امرأة، أو يلطم أحد، أو يجيء أحد من الجيران فيعزّيني، أو يصير لي جمع.

ففعلت ذلك، ووجدته من البكاء والشهيق على أمر عظيم.

فأحضرت له الجنازة بين العشائين، وقد كنت أنفذت من حفر قبرا، في مقبرة قريبة منّا، فانصرف الحفّارون لما أمسوا، وقد كان واقفني على صرفهم، وقال: لا أريد أن يراني أحد، وأنا وأنت نحمل الجنازة، إن تفضّلت بذلك، ورغبت في الثواب، فاستحييت، وقلت له: أفعل.

فلما قربت العتمة، خرجت إليه، وقلت له: تخرج الجنازة؟

فقال: تتفضّل أوّلا، وتنقل هذه الصبيّة إلى دارك على شرط.

قلت: وما هو؟

قال: إنّ نفسي لا تطيق الجلوس في هذه الدار بعد صاحبتي، ولا المقام في البلد، ومعي مال عظيم وقماش، فتتفضّل بأخذه، وتأخذ الصبيّة، وتنفق عليها من ذلك المال، ومن أثمان الأمتعة، إلى أن تكبر الصبيّة، فإن ماتت وقد بقي منه شيء، فهو لك بارك الله لك فيه، وإن عاشت فهو يكفيها إلى