للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيجتمع عليه الصبيان، فيقولون له: مت عشقا، مت عشقا.

قال: وكان يقول، إذا كثروا عليه:

أأفشي إليكم بعض ما قد أصابني ... أم الصبر أهيا بالفتى عندما يلقى

سلام على من لا أسمّي باسمها ... ولو صرت مثل الطير في غيضة ملقى

ألا أيّها الصبيان لو ذقتم الهوى ... لأيقنتم أنّي أحدّثكم حقّا

أحبّكم من حبّها وأراكم ... تقولون لي مت يا شجاع بها عشقا

فلم تنصفوني، لا ولا هي أنصفت ... فرفقا قليلا بالفتى ويحكم رفقا

قال: فلما صح ذلك عند أهله، وعلموا أنّه عاشق، جعلوا يسألونه عن أمره، فلا يخبرهم بقصّته، ولا يجيبهم.

فلما رأوا ذلك منه، حبسوه في بيت، وقيّدوه، فكان إذا جنّه الليل، هتف بصوت له حزين، يقول:

يا ليل أنت رفيقي ... من بين أهلي ومالي

يا ليل أنت أنيسي ... في وحشتي واحتيالي

يا ليل إنّ شكاتي ... إليك طول اشتغالي

بمن برت جسم صبّ ... فصار مثل الخلال

فالجسم منّي نحيل ... لم يبق إلّا خيالي

والشوق قد شفّ جسمي ... وليس يخلق بالي

فلو رآني عدوّي ... لرقّ لي ورثى لي

قال: فلم يزل تلك حاله، حتى مات.

ذم الهوى ٥٥١