للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٧٢ من مكارم أخلاق الأمير سيف الدولة]

أخبرني طلحة بن عبيد الله بن قناش، قال:

كنت يوما في مجلس حديث وأنس، بحضرة سيف الدولة، أنا وجماعة من ندمائه، فأدخل إليه رجل، وخاطبه، ثم أمر بقتله، فقتل في الحال.

فالتفت إلينا، وقال: ما هذا الأدب السيّء، وما هذه المعاشرة القبيحة التي نعاشر ونجالس بها؟ كأنّكم ما رأيتم الناس، ولا سمعتم أخبار الملوك، ولا عشتم في الدنيا، ولا تأدّبتم بأدب دين ولا مروءة.

قال: فتوهّمنا أنّه قد شاهد من بعضنا حالا يوجب هذا، فقلنا:

كلّ الأدب إنّما يستفاد من مولانا أطال الله بقاءه- وهكذا كان يخاطب في وجهه- وما علمنا أنّا عملنا ما يوجب هذا، فإن رأى أن ينعم بتنبيهنا، فعل.

فقال: أما رأيتموني، وقد أمرت بقتل رجل مسلم لا يجب عليه القتل، وإنّما حملتني السطوة والسياسة لهذه الدنيا النكدة، على الأمر به، طمعا في أن يكون فيكم [رجل] «١» رشيد فيسألني العفو عنه، فأعفو، وتقوم الهيبة عنده وعند غيره، فأمسكتم حتى أريق دم الرجل، وذهب هدرا.

قال: فأخذنا نعتذر إليه، وقلنا: لم نتجاسر على ذلك.

فقال: ولا في الدماء؟ ليس هذا بعذر.

فقلنا: لا نعاود.

واعتذرنا حتى أمسك.