للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمشى قدّامي، ومشيت خلفه، وطال الطريق عليّ، وأنا أقول له:

ويحك أين بيتك؟ فيقرّب عليّ المدى.

حتى بلغ آخر نصيبين، في درب خراب يقارب الصحراء، فدقّ بابا، فخرج رجل، ففتح الباب، فدخل، ودخلت.

فحين حصلت في الدهليز، ردم الباب «١» ، واستوثق منه، فأنكرت ذلك، ودخلت، فإذا أنا بثلاثين رجلا، بسلاح، بلا بارية ولا غيرها، وإذا هم لصوص، وهو عين «٢» لهم، فأيقنت بالبلية والشرّ.

فقام إليّ واحد منهم، وقال: انزع ثيابك.

فطرحت ما كان عليّ، إلّا السراويل، فجاءوا ليأخذونه، فسألتهم في ذلك، فتركوه.

وحلّوا منديل كمّي، وأخرجوا ثلاثين درهما، وقالوا لمقبل: امض، فخذ لنا شيئا نأكله.

فتقدّم مقبل، فسارّ أحدهم، وهو رئيسهم.

فقال له ذاك: إنّه لا بد من قتله، فجئنا بما نأكله، فإذا جئتنا به، قتلناه.

فعلمت أنّ مقبلا، أشار عليهم بقتلي، فطارت روحي جزعا.

وقال لهم الغلام: لا أمضي أو تقتلوه.

فقلت لهم: يا قوم، أيش ذنبي؟ ولم أقتل؟ قد أخذتم ما لي وثيابي، دعوني أروح.

ثم قلت له: يا مقبل، هذا من حقّي عليك، وحقّ أبي، ويحك، ألا ترحمني؟