للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٤٢ وكل غريب للغريب نسيب]

وأخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسن التنوخي أيضا بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال:

قال أبو عبد الله، محمد بن زياد الأعرابي: إن قيس بن الملوح، وهو المجنون، لما نسب بليلى، وشهر بحبها، اجتمع إليه أهلها، فمنعوه من محادثتها، وزيارتها، وتهددوه بالقتل.

وكان يأتي امرأة من بني هلال، ناكحا في بني الحريش، وكان زوجها قد مات، وخلّف عليها صبية صغارا، فكان المجنون إذا أراد زيارة ليلى، جاء إلى هذه المرأة فأقام عندها، وبعث إلى ليلى، فعرفت له خبرها، وعرّفتها خبره.

فعلم أهل ليلى بذلك، فنهوها أن يدخل قيس إليها.

فجاء قيس كعادته، فأخبرته المرأة الخبر، وقالت: يا قيس، أنا امرأة غريبة عن القوم، ومعي صبية، وقد نهوني أن أؤويك، وأنا خائفة أن ألقى منهم مكروها، فأحبّ أن لا تجيء إليّ هاهنا.

فأنشأ يقول:

أجارتنا إنّا غريبان هاهنا ... وكل غريب للغريب نسيب

فلا تزجريني عنك خيفة جاهل ... إذا قال شرّا أو أخيف لبيب

قال: وترك الجلوس إلى الهلالية، وكان يترقّب غفلات الحي في الليل.

فلما كثر ذلك منه، خرج أبو ليلى، ومعه نفر من قومه، إلى مروان ابن الحكم، فشكوا إليه ما نالهم من قيس، وما قد شهرهم به، وسألوه