للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: لا يا سيدي، هو بتلا.

قال: فما لك ما قلت لي؟ فما كان سبيله أن يؤنسني برقعة من قبله.

قلت: يا سيدي، قد دفعت إليك رقعته.

قال: وأين هي؟ قلت: تحت البساط.

فأخذها، وقرأها، وقال: قل لي الآن، كان لك أخ أعرفه، حار الرأس، حاد الذهن، يحسن النحو والعروض والشعر، فما فعل الله به؟

قلت: أنا هو، أعزك الله.

قال: كبرت كذا، وعهدي بك تأتيني معه، وأنت بزقة، مخطة، لعقة، قردلاش.

قلت: نعم، أيد الله الشريف.

قال: وما الذي جئت فيه؟

قلت له: والدي بعثني إليك برقعة، يسألك فيها، قرض عشرة أرادب قمحا، وثلاثين زوج بقر. قال: وهو الآن بالفسطاط؟

قلت: لا يا سيدي، هو بتلا.

قال: نعم، وإنّما ذاك الفتى أخوك؟

قلت: لا، أنا هو.

فهو يراجعني الكلام، وقد ضجرت من شدة غفلته، وكثرة نسيانه لما أقول له، حتى أقبل كاتبه أبو الحسين.

فقال له: سل هذا الفتى ما أراد؟ فسألني، فعرّفته، فأخبره.

فقال: نفّذ حاجته.

فوقّع لي الكاتب بما أراد، وقال: تلقاني للقبض بالديوان.

فشكرت الشريف، ونهضت، فقال: اصبر يا بنيّ، فقد حضر طعامنا، وقدّم الطعام، وفيه حصرمية غير محكمة، فرفع يده، وقال: مثل مطبخي،