للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩٩ درة الرقاص الصوفيّ وأبو غالب بن الآجري

سمعت درّة، الرقّاص الصوفيّ، يقول:

استترت مع أبي غالب بن الآجريّ، كاتب صافي، أحد الساجيّة «١» ، شهرا، فضاق صدري، فتركته وهربت منه، وغبت أيّاما عند إخواني، ثم جئته، فعاتبني. فقلت: يا هذا ضاق صدري.

فقال لي: استتر معي أيام استتاري، فإذا خلّصني الله، دعوتك أيّاما متتابعة، بعدد أيّام استتارك عندي، أجذر لك في كلّ يوم غناء بمائة دينار.

فاستترت معه بعد هذا نحو شهر، ثم فرّج الله عنه، وظهر، وعادت حاله.

فلما التقينا، قلت: النذر.

قال: نعم، إجلس، لنجعل اليوم أوّله، فجذر ذلك اليوم، وتلك الليلة، قيانا بمائة دينار، وأنفق قريبا منها، ثم لم يدع القيان يخرجن، إلّا أن يملهنّ، فيحضر بدلهنّ.

وجلسنا على تلك الحال، يجذر في كل يوم وليلة بمائة دينار قيانا، وينفق في طعام وشراب وفاكهة وطيب، مثلها.

وكان ربّما احتاج إلى لقاء صاحبه، والتصرّف في شغله، فيخرج، ويركب، ويتصرّف [٦٣ ب] ، ويعود ليلا، أو عشيّا، وكما يستوي له، والغناء جالس، والمطبخ قائم، ونحن نأكل ونسمع، وهو غائب عن داره، حتى وفّى لي أيّاما بعدد أيّام استتاري معه، وكانت أكثر من ثلاثين يوما.