للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له أحمد بن حنبل: لا ترد، الرجل ثقة.

فقال يحيى بن معين: لا بد لي.

فأخذ ورقة، فكتب فيها ثلاثين حديثا من حديث أبي نعيم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه.

ثم جاءا إلى أبي نعيم، فدقّا عليه الباب.

فخرج فجلس على دكان طين حذاء بابه، وأخذ أحمد بن حنبل، فأجلسه عن يمينه، وأخذ يحيى بن معين فأجلسه عن يساره، ثم جلست أسفل الدكان.

فأخرج يحيى بن معين الطبق، فقرأ عليه عشرة أحاديث، وأبو نعيم ساكت.

ثم قرأ الحادي عشر، فقال له أبو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه.

ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت.

فقرأ الحديث الثاني، فقال أبو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه.

ثم قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فتغير أبو نعيم، وانقلبت عيناه.

ثم أقبل على يحيى بن معين، فقال له: أما هذا- وذراع أحمد في يده- فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأمّا هذا- يريدني- فأقلّ من أن يفعل مثل هذا، ولكن هذا من فعلك، يا فاعل.

ثم أخرج رجله، فرفس يحيى بن معين، فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره.

فقال أحمد ليحيى: ألم أمنعك من الرجل، وأقل لك إنّه ثبت.

قال: والله لرفسته لي، أحب إليّ من سفري.

تاريخ بغداد للخطيب ١٢/٣٥٣