للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا عندها أحداث يشربون، وبين أيديهم من جميع الفواكه والرياحين، فرحّبوا بي، وقرّبوني، وأجلسوني معهم.

ورأيت لهم بزّة حسنة، فوضعت عيني عليها، فجعلت أسقيهم وأرفق بنفسي، إلى أن ناموا، ونام كلّ من في الدار.

فقمت وكوّرت ما عندهم، وذهبت أخرج.

فوثب عليّ الكلب وثبة الأسد، وصاح، وجعل يتراجع وينبح، إلى أن انتبه كل نائم، فخجلت، واستحييت.

فلما كان النهار، فعلوا مثل فعلهم بالأمس، وفعلت أنا بهم أيضا مثل ذلك، وجعلت أوقع الحيلة في أمر الكلب إلى الليل، فما أمكنتني فيه حيلة.

فلما ناموا، رمت الذي رمته، فإذا الكلب قد عارضني بمثل ما عارضني به.

فجعلت أحتال، ثلاث ليال، فلما أيست، طلبت الخلاص منهم بإذنهم، فقلت: أتأذنون لي، فإنّي على وفز «١» .

فقالوا: الأمر إلى العجوز.

فاستأذنتها، فقالت: هات الذي أخذته من الصيرفي، وامض حيث شئت، ولا تقم في هذه المدينة، فإنّه لا يتهيأ لأحد فيها معي عمل.

فأخذت الكيس وأخرجتني، ووجدت مناي أن أسلم من يدها.

وكان قصار اي أن أطلب منها نفقة، فدفعت إليّ، وخرجت معي، حتى أخرجتني عن المدينة، والكلب معها، حتى جزت حدود المدينة.

ووقفت، ومضيت، والكلب يتبعني، حتى بعدت، ثم تراجع ينظر إليّ، ويلتفت، وأنا أنظر إليه، حتى غاب عن عيني.

الأذكياء ١٨٨